ما أحلاكِ أيَّتها الحرية
ما أحلاكِ أيَّتها الحريةُ وما أعذبَ مذاقِك ...
ما ألطفكِ وما أنعمَ ملمسكِ ...
ما أخفَّ وقعكِ على الفكرِ والروح ...
منذ القديم ِ القديم والإنسانُ يعشقُكِ
يتغزَّلُ بك ويشتهي وِصالكِ ...
يتخيَّلُكِ يحلمُ بكِ ويتمنَّاكِ
خليلةَ فكرِه وعشيقةَ قلبِه ....
مسكينٌ أنت أيها الإنسانُ عبر دهورِك
الطويلةِ أحببتَ وهماً
وعشقتَ سراباً ....
سبحتَ في بحورِ الضبابِ وغُصتَ تفتِّشُ
في الأعماقِ بين الحجارة والحصى
بين الأفاعي والحيتانِ عن لؤلؤةٍ تَبينُ لك
في أحلامكَ وتختفي في الواقعِ المحسوس ...
عجيبٌ أمرُك أيُّها الإنسانُ كم تعشقُ الأوهامَ
كم تأخذكَ الخرافاتُ وتُذهلُكَ الأساطيرُ
وتُعمي عينيك عن الواقع المرير ....
محكومٌ عليكَ كي تبقى وتستمرَّ أن تتعلَّقَ بالأماني
وتتعشَّقَ الأوهامَ وتتعبَّدَ في كلِّ زمانٍ ومكان
لآلهةِ وأنصابِ ذاك الزمان ...
لكي تسيرَ في طريقِ الحريةِ
, عساك تمتلكُ شيئاً منها,
عليك أن تُفرِغَ صندوقَ عقلِكَ الباطني من كلِّ التفاهات
والسخافات والخرداوات والقطع المهترئة البالية
التي حشرتْها في صندوقِك رغباتُ وأهواءُ الطغاةِ
المستبدين, طواغيت المافيا
من كلِّ الأشكالِ والألوانِ والأطياف ....
انزعْ عن عيونكَ قشورَ الجهلِ والخوفِ لترى حقيقةَ ما حولكَ
فتُكسِّرُ الأصنامَ والأنصابَ وتحطِّمُ القيودَ والأغلال ...
وعندما يُصبحُ صندوقُك فارغاً
اغسلْه وطهرْه من كلِّ الأقذارِ والأوساخ ...
وحينذاك تبدأ تتعرَّفُ على الحريةِ
وتقولُ لا وألف لا لكلِّ ما يستعبدني ...
لن أُدخِلَ في صندوقِ عقلي إلاَّ ما يجعلني سيِّدَ
نفسي وسلطانَ فكري ....
وسأرفضُ كلَّ ما يستعبدُ عقلي
وروحي ويستغلُّ قدراتي وطاقاتي ...
عند ذلك فقط يبدأُ حلمُكَ بامتلاكِ الحريةِ بالتحقُّقِ
وتبزغُ عليكَ شمسُ كونٍ جديد .....
حكمت نايف خولي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق